هناك حديث متداول حول تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية، الذي من المتوقع أن يناقش في الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة التي ستبدأ يوم الأحد.
وبين مرحب ومشكك، يبقى للقانون هدف أساسي هو ضبط المحتوى الإلكتروني، لغايات تحقيق الحماية والأمن المجتمعي.
لقد بات الفضاء الإلكتروني لدى البعض مسرحا لعرض المواقف الحياتية دون ضوابط، بل واستخدمه البعض لتنفيس عن الانفعالات والتي تكون غالبا غير مبررة بل وتسهم في خلق حالة نفسية سيئة للغير بالمحاكاة، بل ويساعد على نشر السلبية بالمجتمع، خصوصا أن نشر الإشاعات والمعلومات غير الدقيقة، وتزامن ذلك مع الأزمات المالية والاقتصادية يخلق مشاكل وتجاوزات اخلاقية غريبة على المجتمع.
إن ثقافة حماية الحقوق العامة والخاصة في ظل فضاء إلكتروني مفتوح، ليس ترفا ذهنيا وإنما حاجة ملحة.
والقانون بحاجة للمراجعة الدورية والدراسة المستمرة بسبب تطورات الواقع الجرمي وتسارع الاستخدام اليومي والحياتي للشبكة العنكبوتية في قطاعات العمل المختلفة وليس فقط في وسائل التواصل الاجتماعي.
إن قانون الجرائم الإلكترونية، يهدف إلى الحد من الأثر الاقتصادي والاجتماعي للجرائم الإلكترونية، خاصة الاحتيال المالي، فهناك جرائم عابرة للحدود، إضافة إلى تطبيقات الألعاب العنيفة وآثارها، وبرامج اختراق الخصوصية.
كما أن قانون الجرائم الإلكترونية، يساهم في تحديد معايير السلوك المقبول لمستخدمي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ ويحدد عقوبات اجتماعية وقانونية للجرائم الإلكترونية؛ ويحمي مستخدمي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل عام ويخفف، أو يمنع الضرر الذي يلحق بالأشخاص والبيانات والأنظمة والخدمات والبنية التحتية على وجه الخصوص، كما أنه يحمي حقوق الإنسان، من خلال التحقيق في الجرائم المرتكبة عبر الإنترنت ومقاضاة مرتكبيها.
قانون الجرائم الإلكترونية، يتعدى المعاقبة على منشور غير مناسب أو تعليق فج، خارج حدود القيم الأخلاقية، فتلك التصرفات الفردية يمكن ضبطها بسهولة، فالقانون في الأساس لتقليل المخاطر و/ أو التخفيف من الضرر الذي يلحق بالأفراد والمؤسسات والبنية التحتية، ووفقا لذلك، يتضمن قانون الجرائم الإلكترونية قانونا موضوعيا وإجرائيا ووقائيا.
وأهم ما يجب عملة وقائيا عدم فتح التعليقات على المواقع الإلكترونية، والصفحات الحكومية العامة على الهواء وأن يكون هناك دائما إدارة للصفحات تتحمل، مسؤولية إدارة التعليقات المنشورة، وضبط إيقاعها، لأن بعضها بات يشكل خطرا على منظومة القيم الاجتماعية والثقافية لجيل كامل.
أما بخصوص المتداول حول إضافة نص يخص هيبة رئيس مجلس الوزراء، ووزارات الدولة على مواقع التواصل الاجتماعي، فذلك حق مشروع، فليس لأحد الحق بالإساءة لأي شخص مهما كان موقعة في المجتمع فالبشر لهم كرامات يجب أن تحفظ، وذلك جزء من المحافظة على المنظومة الأخلاقية في المجتمع.
يقول الشاعر أحمد شوقي، إنما الأمم الأخلاق ما بقيت إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
الأخلاق هي عبارة عن مجموعة الأقوال والأفعال الحميدة التي تبني مجتمعا فاضلا، وهي أساس الحضارة وعنوان الشعوب.
في حقيقة الأمر عندما تهتز منظومة القيم والأخلاق، ولا يكون هناك احترام متبادل بين الناس وقيم مشتركة توجه السلوك، يحدث عدم الانضباط الذي ينذر بالخطر.
إن وجود قانون للجرائم الإلكترونية يضبط الأمور وتطويره بشكل مستمر ضرورة وطنية ملحة، على أن يتم التركيز على إعادة تعديل التشريعات، والقوانين الوطنية، بإضافة فقرات محددة للتفعيل الجانب الوقائي الذي يضبط إيقاع الاستخدام ويمنع حدوث الضرر قبل وقوعه، مع ضرورة التوعية والنشر والتعريف للأردنيين حول القانون ومواده المختلفة والتي تمس حقهم في التعبير واستخدام الفضاء الإلكتروني بحرية مسؤولة ومنطقية، بعيدا عن المساس، بالوحدة الوطنية وبالحقوق والخصوصية الشخصية لأي مواطن مهما كان منصبة أو موقعة. حمى الله الأردن ارضا وقياد? وشعبا.
[email protected]